الوصفية مع عدم قبول الابتداء، فعلى ما قَرَّرَ هذا المقرِّر يكون جملُ مبتدأ، وقد تقدَّمَتْه جملة مشتملة على فائدة، وهي: نِعمَ البعيرُ، إلا أنه لا يجوز تقديم هذا المبتدأ على هذا المسَّوغ؛ لأنَّ تقديم الخبر هنا مسوِّغُ لجواز الابتداء بالنكرة.
واستشهد بعض النحويين على أنَّ المخصوص حالة التأخير خبر مبتدأ محذوف بقول العرب: شَدَّ ما أنك ذاهب، قال: فـ «ما» منصوبة على التمييز، وأنك خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: شَدَّ شيئًا، ثم أوضح، فقال: هو أنَك ذاهب. ولا يتوجه في «أنَّ» هنا إلا هذا الإعراب؛ إذ لا تكون مبتدأة. وقيل: يجوز أن تكون فاعلةً بـ «شَدَّ». وكذلك: عَزَّ ما أنك ذاهب.
وقال الفارسي: «لا يظهر المبتدأ الذي زيدٌ خبره بعد: نِعمَ الرجلُ زيدٌ، لا يقال: هو زيدُ، وذلك لأنَّ هاتين الجملتين قد انعقدتا انعقاد الجملة الواحدة، فطالتا، فاستخَفوا حذف المبتدأ البتَّة، وقَوَّى على ذلك أنَّ الجملة الواحدة منهما قد يُضمر فيها الفاعل، فلا يظهر البتَّة، نحو: نِعمَ رجلاً زيدُ، فلمَّا كان موضع إضمار البتَّة كان أيضًا موضع حذف البتة» انتهى.
وقد ردَّ بعض أصحابنا على مَن جوَّز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر، وأنَّ التقدير: زيدٌ الممدوحُ ـــ بأنَّ الذي يقول نِعمَ الرجلُ زيدُ ليس في نفسه نِعمَ الرجلُ زيدٌ الممدوحُ، ولا يمكن أن يُحذف خبرُ مبتدأ إلا وهو مراد في النفس، فُيحذف للعلم به اختصارًا. وإنما حمل على هذا القائلَ به تجويزُ الإعراب من غير التفات إلى المعنى، وذلك ليس بشيء، بل لا ينبغي أن يوجَّه إعراب حتى يصح معناه.
وقال /المصنف في الشرح رادَّا على من زعم أنَّ المخصوص مبتدأ محذوف الخبر ما نصه: «هذا غير صحيح؛ لأنَّ هذا الحذف مُلتَزَم، ولم نجد خبرًا يلتزم حذفه إلا ومحلُّه مشغول بشيء يسدّ مسدّه، كخبر المبتدأ بعد لولا، وهذا بخلاف ذلك، فلا يصح ما ذهب إليه».