فأمَّا الذي ذكره هو فهو أن تكون النكرة لا تُراد لعينها، فهذا عنده من المسوِّغات لجواز الابتداء بالنكرة، وجَعل من ذلك قول الشاعر:

مُرَسَّعةُ ... بينَ ... أرْساغِهِ ... بهِ عَسَمٌ يبتَغي أرْنَبا

قال: «النكرة هنا لا تراد لعينها؛ ألا ترى أنه لا يريد مُرَسَّعة دون مُرًسَّعة». وقال أيضًا: «وينبغي أن يزاد في شروط الابتداء بالنكرة أن تكون النكرة لا تُراد لعينها، نحو: رجلُ خيرُ من امرأة، تريد: واحدُ من هذا الجنس أيّ واحد كان خيرٌ من كل واحدة من جنس النساء، إلا أنَّ معناه يؤول إلى العموم، إلا أنه يخالف العموم في أنه يدلُّ علي كل واحد على جهة البدل، أعني أنه لا يتناول الجميع دفعةً واحدة، وكلُّ يتناول الجميع في دفعة واحدة» انتهى كلامه.

فالمسوَّغ الموجود في قولهم: رجلُ خيرُ من امرأة، وتمرةُ خيرُ من جرادة، ومُرَسَّعةُ بين أرساغه ـــ هو بعينه موجود في قولهم: نِعمَ البعيرُ جملُ، ونِعمَ مالاً ألفُ؛ لأنهما نكرتان لا ترادان لعينهما، بل حُكم على واحدٍ من الجمال بأنه نِعمَ البعير، وعلى واحد من الألف بأنه نِعمَ المال. فعلى هذا الذي تقرر يجوز أن يتقدم، فتقول: جملُ نِعمَ البعيرُ، وألفُ نِعمَ مالاً.

والمسوِّغ الذي ذكره غيره هو أنه يجوز أن يكون نكرة إذا كان خبره جملةً مشتملة على فائدة، إلا أنه يجب تأخيره، وذلك نحو: قصدَ غلامَه رجلُ، فإنه جائز جواز «عندك رجلُ»؛ لأنَّ في تقديم الجملة ما في تقديم الظرف من رفع توهُّم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015