فلم يُرد س بقوله «من هو» أنَّ الكلام على جملتين إذا تأخر المخصوص، كما لم يُرد ذلك «إذا قال: عبدُ الله، فكأنه قيل له: ما شأنُه؟ فقال: نِعمَ الرجلُ» لأنَّ عبد الله حالة التقديم يستحيل أن يكون جملة، وإنما أراد أنَّ تَعَلُّقَ المبتدأ بالخبر والخبر بالمبتدأ تَعَلُّقُ لازم، فإذا بدأتَ بالمبتدأ احتجتَ إلى خبر، وإذا بدأتَ بالخبر احتجتَ إلى مبتدأ، لا أنَّ ذلك على جملتين، فإذا قلت «ذهب» فكأنه قيل لك: مَن الذاهبُ؟ وإذا قلت «زيدٌ» فكأنه قيل لك: ما شأنه؟ وبأن بهذا النص من س فساد نسبة ذلك لـ «س»، كما فعل المصنف في قوله إنّ س أجاز أن يكون خبر مبتدأ واجب الإضمار، وأنه لم يتصفح كلامه، أو قَلَّدَ مَن نَسب ذلك إلى س.
وقال ابن عصفور: «الذي يدلُّ على أنه إذا تأخَّر لا يلزم فيه أن يكون مبتدأ والجملةُ خبر قولُهم: نِعمَ البعيرُ جملُ، ونِعمَ الإنسانُ رجلُ، ونِعمَ مالاً ألفُ، ومنه قوله ـــــ - عليه السلام - ـ: (نِعمَ المالُ أربعون، والكثيرُ ستُّون، وويلُ لأصحابِ المئين إلا مَن أعطى الكريمة، ومَنَحَ الغزيرة، ونَحَرَ السمينة، وأَطعَم القانعَ والُمعْتَزَّ)، فأربعون وألف ورجل وجمل أخبار لمبتدآت مضمرة، ولا يجوز أن تكون مبتدأة، وما قبلها خبر لها؛ لأنها نكرات، ولا مسوِّغ للابتداء بها، وإذا ثبتَ جعله خبرَ مبتدأ محذوف لفهم المعنى فلا مانع يمنع من جواز جعله مبتدأ، والخبر محذوف لفهم المعنى» انتهى كلامه.
وما ذهب إليه من تعيُّن هذه الأسماء النكرات لأن تكون خبر مبتدأ محذوف، وامتناع أن تكون مبتدآت لكونها نكرات، ولا مسوَّغ للابتداء بها ــــ غير صحيح، بل فيها مسوِّغان: أحدهما ذكره هو في باب /المبتدأ والخبر، والآخر ذكره غيره: