ومنع ذلك الكوفيون، وجماعة من البصريين، منهم ابن السراج، وأبو عمر
في «الفرخ»، قال: لا تكون الأسماء الموصولة فاعل نِعمَ على كل وجه، ولم يَرد
/به سماع، والقياس المنع؛ لأنَّ كل ما كان فاعلاً لِنعمَ، وكان فيه أل ـــ كان مفسِّرًا
للضمير المستتر فيها إذا نُزعت منه، و (الذي) ليس كذلك.
وأمَّا مَنْ وما الموصولتان إذا أريدَ بهما الجنس فذهب قوم من النحويين إلى أنه
يجوز أن تكونا فاعلَين لِنعمَ وبئسَ، واستدلُّوا على ذلك بالقياس والسماع ــ
وهو اختيار المصنف، ذكر ذلك في شرحه ـــ قال صاحب «البسيط»: «أمَّا
القياس فلأنهما بمعنى الذي والتي، وهما فاعلان لهما لوجود الألف واللام باتَّفاق
لصحة معنى الجنس» انتهى.
وهذا وهم من صاحب «البسيط» وعدم اطِّلاع في قوله «إنَّ الذي والتي
يكونان فاعلَين لِنعمَ وبئسَ باتَّفاق»، وقد ذكرنا أنَّ المنع مذهب الكوفيين وجماعة
من البصريين، وذكرنا أنه لم يَرد به سماع، ولا يقتضيه قياس.
وأمَّا السماع فاستدلُّوا بقوله تعالي {فَنِعِمَّا هِىَ}، وتقدم الكلام على
«ما» إذا اتصلت بنِعمَ وبئسَ، وفيه عدة أقول، وبقول الشاعر:
وكيفَ أرهَبُ أمرًا، أو أُراعُ لَهُ ... وقد زَكَأتُ إلى بِشرِ بنِ مَرْوانِ؟