الممدوح، فكأنك قلت: الممدوحُ الرجلُ زيدٌ، وهو مشتقٌ لتضمُنه معنى المدح، وأصله أن يكون بالحرف، فكأنه تضمَّنه» انتهى. وقوله «ينبغي» يدلٌّ على أنه لم يقف على النقل في إعراب نعمَ الرجلُ زيدٌ على قولِ مَن قال بأن نِعمَ وبئسَ اسمان، والنقل عنهم في إعراب ذلك ما نقله ابن عصفور.
وقد رُدَّ مذهب الكسائي بأنه إمَّا أن يكون اسمًا لممدوح معلوم أو لممدوح منكور، فالأول مقصور على السماع، لا يقاس عليه، نحو قولهم: شابَ قَرْناها، فإنه سُمِّي بذلك مِن فَوره، ولا يمكن أن يُدَّعى أنه لمعروف في الناس كتَأَبَّطَ شَرَّا، ولا لمنكور؛ إذ المعنى ليس عليه.
وقوله (لا يَتَصرَّفان للزُومهما إنشاءَ المدح والذمّ على سبيل المبالغة) ووجه امتناع تصرُّفهما أنَّ نِعمَ لَزِمَت المدح، وبِئسَ لزمت الذمّ، فلم تخرجا عن المدح والذمّ، وقد كانا قبل أن يُرَكَّبا هذا التركيب يُستَعمَلان في غير المدح والذمّ؛ /لأنَّ نِعمَ منقولة مِن قولك نَعِمَ الرجلُ: إذا أصابَ نعمةً، وبئسَ منقولة مِن بَئِسَ: إذا أصاب بؤسًا.
وقال العبديّ: هذان الفعلان قد خالفا سائر الأفعال الموضوعة للمدح والذمّ؛ لأنَّ كل فعل استعملته لجهة من المدح كان مقصورًا عليها لا يتعدى إلى غيرها، وكذلك الذمّ، نحو: كَرُمَ الرجلُ، إذا وصفتَ جوده، ولَؤمَ الرجل، إذا وصفتَ بخله، وسَخُفَ الرجل، إذا وصفتَ بذاء لسانه، وشَعُرَ إذا وصفتَ ما يختصُّ به النظم من بيانه، وليس كذلك نِعمَ؛ لأنَّ صفة كل مدح تدخل تحتها، وبِئسَ كل صفة ذم تدخل تحتها، ولذلك استُعمل معها الاسم الشائع. والمضمر هنا بمْنزلة الأجناس التي فيها الألف واللام، ولهذا فُسَّر بالنكرة.