وقال بعض أصحابنا: الفعل القاصر منه لزم معنًى من المعاني، وسُلبت عنه دلالته على الزمان بحسب صيغته، فامتنع التصرف فيه، وعلى المصدر، فلا ينصبهما، كأفعال المدح والذمّ. ومنه ما بقي على أصله، كغيرها من الأفعال. وإنما سُلبت ذلك لأنها لزمت المدح والذمّ، وهما لا يكونان إلا بما ثَبت واستمرّ، ولا يُمدح بمعدوم، فلزم الاستمرار، فدلّ على وقوع مستمرّ، ولذلك لا يقال: نِعمَ الرجلُ أمس أو غدًا أو الآن، وقد يُقطع استمرارها بـ (كان)، تقول: لقد كان نِعمَ الرجلُ، ويدلُ على الصيرورة إلى ذلك بـ (صار)، فتقول: لقد صار نِعمَ الرجلُ.
وقال ابن أبي الربيع: «لم يتصرفا لنقلهما عما وُضعا له من الدلالة على الماضي؛ ألا ترى أنك إذا قلت: زيدُ نِعمَ رجلاً، أو بِئسَ رجلاً ــ فالمعنى أنه في حال مدح أو ذمّ، وإذا أردتَ الماضي أدخلتَ كان، فتقول: كان زيدُ نِعمَ رجلاً، وإذا أردتَ المستقبل قلتَ: سيكون زيدُ نِعمَ رجلاً» انتهى. ويجوز أيضًا: سيكون نِعمَ رجلاً زيدُ.
وقوله إنشاءَ المدح والذمّ أي أنَّ نِعمَ لإنشاء المدح، وبئسَ لإنشاء الذمّ. وقد يُسند نِعمَ إلى مَن يراد تقديمه في أمرٍ ونفوذُه فيه وإن كان ذمّا، وبئسَ حيث يراد التأخر وعدمُ النفوذ وإن كان مدحًا، قال الحطيئة:
فَنِعْمَ الشَّيخُ أنتَ لدى الَمخازي ... وبِئْسَ الشَّيخُ أنتَ لَدى الَمعالي
وقوله على سبيل المبالغة ولذلك جاء في صفة الله تعالى والأنبياء. وربما تُوُهَّمَ أنَّ ذلك ليس على سبيل المبالغة في المدح والذم، روي أنَّ شُرِيك بن عبد