ومذهب الكوفيين ومن وافقهم أنها كناية عن العدد، فتطابق هي وتفسيرها ما هي كناية عنه من إفراد وتفسير بجمع مجرور، أو تركيب وتفسير بمفرد منصوب، أو إفراد وتفسير بمفرد منصوب، أو عطف وتفسير بمفرد منصوب، أو إفراد وتفسير بمفرد مجرور.
ومذهب ثالث ــ وهو مركب من هذين المذهبين ــ وهو موافقة الكوفيين في المركب والعقد والمعطوف، ومخالفتهم في المضاف، وهو الثلاثة إلى العشرة، والمئة والألف واللام مجرور بـ «مِنْ»، وهو اختيار ابن عصفور، وزعم /أنه مذهب البصريين.
وقد اضطرب في ذلك قول أبي علي الفارسي، فمرة قال بقول البصريين على ما حكيناه نحن، ومرة قال بقول الكوفيين.
فلمَّا اطَّلعنا على مذاهب الناس في هذه المسألة واختلافهم فيها رجعنا عند الاختلاف إلى السماع من العرب؛ فما وجدناه منقولاً عنهم أخذنا به، وما لم يُنقل من لسانهم اطَّرحناه، وذلك مذهبنا في إثبات القواعد النحوية، إنما نرجع فيها إلى السماع، فلا نثبت شخصيَّا من الأحكام إلا بعد إثبات نوعه، ولا نثبت شيئًا منه بالقياس؛ لأنَّ كل تركيب له شيء يخصه، فلو قسنا شيئًا
على شيء لأوشك أن نثبت تراكيب كثيرة، ولم تنطق العرب بشيء من أنواعها والقياس الذي نذكره نحن في النحو إنما هو بعد تقرَّر السماع، فلا نُثبت الأحكام بالقياس، إنما نُثبتها بالسماع من العرب، ويكون في الأقيسة إذ ذاك تأنيس وحكمه لذلك السماع، ومَن تأمَّل كلام س وجده في أكثره سالكًا هذه الطريقة التي اخترناها من إثبات الأحكام بالسماع، فنقول: المسموع من لسان العرب أن «كذا» إذا كانت كناية عن غير عدد كانت مفردة، ومعطوفة خاصةً، ولا يُحفظ تركيبها، فإذا كانت