للكوفيين، إلا أنَّ ابن عصفور قال في الكناية عن الثلاثة إلى العشرة، وعن المئة والألف: «له عندي كذا من الدراهم»، فردَّ التمييز إلى الجمع، وعرَّفه، وأدخل عليه مِن، كما يفعل في العدد المركب وغيره من التمييز المفرد إذا أراد إدخال من عليه، تقول: له عندي أحدَ عشرَ من الدراهم.
وأمَّا حكاية ابن السَّيْد من أنَّ الكوفيين والبصريين اتفقوا على أنَّ كذا وكذا كناية عن الأعداد المعطوفة، وأنَّ كذا كذا كناية عن الأعداد المركبة ــ فوجهُ الجمع بينه وبين ما نقلناه من مذهب البصريين أنَّ ابن السِّيْد وقف على قول المبرد أو على قول مَن حكى عنهم عتيقُ اليماني، فتوهم أنه قول البصريين؛ لأنَّ المبرد ومَن ذكر عنه ذلك من كبراء البصريين، ولم يحفظ خلاف غيرهم من البصريين، فجعل ذلك اتِّفاقًا. وقول ابن عصفور إنه يظهر له أنَّ اتفاق البصريين والكوفيين على أنَّ كذا وكذا كناية عن العدد المعطوف، وكذا كذا كناية عن العدد المركب ــ إما هو سماع من العرب، ولذلك لم يختلفوا فيه، بناء من ابن عصفور على ما نقل ابن السِّيْد من الاتفاق؛ لأنَّ ابن عصفور ذكر ذلك مستندًا إلى نقل ابن السِّيْد.
وقد ذكرنا نحن أنَّ مذهب البصريين خلاف ما ذكره ابن السِّيّْد، وتأوَّلنا قول ابن السِّيْد في نقل اتفاقهم. وقد تقدَّم قول ابن خروف في: كذا كذا درهمًا، وزعمُه أنَّ ذلك لا يستعمل في كلام العرب.
وتحصل مما لخصناه أنَّ المذاهب ثلاثة:
مذهب البصريين غير المبرد ومن وافقه أنها كناية عن العدد مطلقًا، سواء أكان مركبًا أم معطوفًا أم عقدًا أم غير ذلك من سائر العدد.