وأمَّا كَيْءٍ فإنه لما قلب، وحذفت الياء تخفيفًا، لم تقلب الياء ألفًا.
ومن قال كَايٍ فكأنه قلبُ من هذا مراجعة للأصل؛ إذ الهمزة في الأصل متقدمة على الياء، ولكثرة تلعبهم بهذه الكلمة.
وأمَّا كَئنْ فانه كائن في الأصل حذفوا الألف منه اجتزاءً بالفتحة عنها، كما قالوا: أمَ والله لقد كان كذا، ولو تَرَ أهل مكة، أي: أمَا، ولو ترى.
وقال ابن جني: «من قال كَأٍ فإنه حذف الياء من كَيْءٍ». وهذا الوجه يَرجح الأولَ بقلَّة العمل، ورَجَحه الأول بكون المحذوف قد بقي ما يدلُّ عليه بعد الحذف، وهو الفتحة.
وفي الوقف على هذه اللغات خلاف: فمنهم من يحذف لأنه التنوين الذي كان في أيِّ، فحَكم له بحكمه. ومنهم من يُثبته لأنها كالنون التي هي من نفس
الكلمة، فجعل الكاف مع أيِّ كالكلمة الواحدة.
وإنما جُعلت هذه اللغات كلها مغيرة من كأيِّن لتقاربها في الحروف واتحادها في المعنى.
وقد انتهى الكلام في تعليل هذه اللغات وجريانها على قوانين العربية،
وذكرنا اختلاف الناس فيها، وهي جميعها تسويد للورق، وإكثار في الكلام، ولا طائل تحته، فالأولى ادَّعاء البساطة في هذه الكلمة؛ إذ هي الأصل، ويكون التغيير فيها كالتغيير الذي جاء في لَدُنْ، وفي رُبَّ، وفي حيث، وما أشبهها. ولو كانت أحكامُ نحوية مكان هذه التعاليل والاختلاف لكان الاشتغال بها أَولى وأنفع، ولكن كل علم لا بد فيه من فضول.