وأما قوله تعالى {بطرت معيشتها} فخرجه المصنف في الشرح علي تقدير انفصال الإضافة والتنكير، وعلي اسقاط حرف الجر، وعلي أن يكون الأصل: بطرت مده معيشتها، ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فانتصب علي الظرفية، نحو {وإدبار النجوم}.
وقوله لا علي التمييز محكوما بتعريفه، خلافا للكوفيين قد تقدم أن ابن الطراوة وافقهم علي ذلك، ومما استدل به علي ذلك باب الصفة المشبهة باسم الفاعل، ولا خلاف في جوازه فصيحا، وليس بتمييز عندهم، فان التمييز عندهم لفظة اصطلاحية منهم علي المفسر الذي لا يجوز فيه التعريف إلا شذوذا كمفسر المقادير، ولا يحفظ في لسان/ العرب: عندي رطل الزيت، ولا قفيز الشعير.
وقوله ولا يمنع تقديم المميز علي عامله إن كان فعلا متصرفا تقدم الخلاف في العامل في التمييز في نحو: طاب زيد نفسا، وتصبب زيد عرفا، ونحوه، وأن ابن عصفور حكي أن مذهب المحققين أنه ليس منصوبا بـ «طاب» ولا بـ «تصبب» ولا لما اشبههما من الأفعال، وأنه منصوب عن تمام الكلام، فالعامل فيه هو تمام الكلام،
وهو عامل معوي، وبني علي ذلك منع تقدمه علي الجملة بأسرها. واستدل علي صحه هذا المذهب بأن ما انتصب عن تمام الكلام قد لا يكون فيه فعل، نحو داري خلف دارك فرسخا، وبأنه قد لا يكون الفعل فيه طالبه، فكيف يكون ناصبا له، نحو: امتلأ الكوز ماء. وتقدمت منازعتنا له في المثالين. ولم يشعر المصنف بهذا الخلاف الذي ذكرناه، فلو يودعه فص كتابه ولا شرحه.