بالمفعول به مقصورا الاطراد علي الصفات شاذا في الأفعال. ومما شذ وروده في الفعل ما في الحديث من قول راويه (إن امرأه كانت تهراق الدماء)، أراد: تهراق دماؤها، فاسند الفعل إلي ضمير المرأة مبالغة، ثم نصب الدماء علي التشبيه بالمفعول به أو علي التمييز وإلغاء الألف واللام. ويجوز أن يكون أراد: تهريق الدماء، ثم فتح الراء، وقلب الياء ألفا لا لأنه فعل ما لم يسم فاعله، بل علي لغة طيئ، كما قال شاعرهم:
نستوقد النبل بالحضيض، ونصـ ... ـــــــطاد نفوسا بنت علي الكرم
وكما الآخر:
أفي كل عام مأتم تبعثونه ... على محمر ثوبتموه، وما رضا
إلا أن المشهور في لغة طيئ أن يفعل هذا بلام الفعل لا بعينه، وحرف العلة في تهراق عين، فمعاملته معاملة اللام علي خلاف المعهود» انتهى.
وهذا تخريج في غاية البعد، لأن ذلك إنما تفعله طيئ بالياء المتحركة لفظا بالفتح، وتكون لام الكلمة، وهذا ليس كذلك، واصل هذا التخريج لأبي زيد السهيلي، زعم أن الدماء مفعول به صحيح، وأصله (أن امرأه كانت تهريق الدماء)، وهو في معني تستحاض، وهو مبني للمفعول به، فغسرت ياء تهريق في اللفظ فصار في اللفظ كتستحاض مبنيا للمفعول، ومرفوعه في المعني فاعل، والدماء مفعول صحيح.