وفي هذا البيت الثانى دليل على فساد ابن أبي العافية: إن اسم الإشارة عامل فى الحال؛ ألا ترى إلى تقدمها عليه, ولو كان عاملا فيها ما جاز تقديمها عليه.
وأما قول السهيلى وابن أبى العافية «إن معنى الحرف لا يعمل فى الحال» فغير مسلم لهما؛ لأنه يرد على قولها إعمال كأن فى الحال, وهى حرف عملت بما فيها من معنى التشبيه. وكذلك كاف التشبيه تعمل فى الحال, وهى حرف جر على ما نبينه إن شاء الله. إلا إن قيد الحرف بأنه الذى لم يستقر له عمل فيخرج كان وكاف التشبيه؛ لأنهما قد استقر لهما عمل فى غير الحال.
وأما قول الشارح فى الشرح: «والتمني والترجي واسم الإشارة» فتقدم قولنا فى اسم واختلاف /الناس فيه هل يعمل فى الحال أم لا.
وأما حرف التمني والترجي - وهما ليت ولعل - فمختلف فيهما: فنص الزمخشرى على أن ليت ولعل وكأن ينصبن الحال, بخلاف أخواتها, وهى إن وأن ولكن, فإنهن لا ينصبن الحال. وقال بهذا القول هذا المصنف وابن عصفور, أعنى القول بأن ليت ولعل يعملان فى الحال.
والصحيح أن ليت ولعل وباقي الحروف لا تعمل في الحال ولا ظرف, ولا يتعلق بها حرف جر إلا كأن وكاف التشبيه, قال النابغة:
كأنه خارجا من جنب صفتحه ... سفود شرب نسوه عند مفتاد
ويدل على ذلك أنك لو قلت: ليت زيدا اليوم ذاهب غدا, ونحوه - لم يجز ذلك بإجماع.