وعلل الفارسي منع ذلك في «الحلبيات» بأنها في دلالتها على المعانى قصد بها غاية الإيجاز, فالألف تغني عن أسفتهم' و «ما» عن أنفي, و «أن» عن أؤكد, فلو أعملت فى الظرف والحال, ومكنت تمكين الفعل - لكان نقضا لما قصد من الايماء. وهذا التعليل هو الذى نص عليه ابن أبي العافية في أن حرف التنبيه لا يجوز له أن يعمل فى الحال.

وإنما اختصت كأن وكاف التشبيه بالعمل في الحال لأن فيها - وإن كانت حرفا - دلالة على التشبيه والشبه, فالتشبيه معنى فى نفس المتكلم, فمن هذا الوجه هى حرف كسائر الحروف؛ لأن معنى الحرف فى نفس المتكلم, بخلاف معنى الفعل, فإنه مسند إلى ما دخل عليه من الاسم, ولا يعمل هذا المعنى, والشبه مسند إلى زيد ونحوه إذا قلت: كأن زيدا أسد, فشاركت الأفعال من هذا الوجه فعمل ذلم المعنى الذي هو الشبه المسند إلى زيد فى الحال والظرف والجار والمجرور, وليس ذلك فى التمني ولا التأكيد ولا النفي ونحوها, فمن هنا فارقت كأن أخواتها, فعملت بلفظها كعمل أخواتها في الاسماء, وعمل معناها في الظرف والحال, وفارقتها أيضا فى وقوعها نعتا لنكرة, وحالا من معرفة, وخيرا لـ «كان» ونحوها, قال:

فبت كأنى ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع

وقى البسيط: العامل عمل الفعل كأن وأخواتها وما:

فقيل: لا يعمل واحد منها؛ لأن الشبه اللفظي الذي به عملت لا يؤثر في الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015