ولما كان قول البصريين فى دعواهم الحال في هذه المسألة لا يخلو من إشكال ارتكب الكوفيون طريقة أخرى فى هذه المسألة؛ فقال الفراء والكسائى: يقال: هذا زيد قائما, على أن قائما خبر التقريب الذى يشبه فيه «هذا» «كان» حين يقال: كيف تخاف الظلم وهذا الخليفة قادما؟ وكيف تجد البرد وهذه الشمس طالعة؟ يقرب «هذا» و «هذه» قدوم الخليفة وطلوع الشمس, ولم يكن «هذا» فى المعنى إشارة, لأن الخليفة لا يجهل ولا يشك فيه فتعرفه /الإشارة, وكذلك الشمس قد غنيت بشهرتها عن الإشارة التى تحددها وتعينها.
وأجاز الكسائي أيضا فى هذا زيد قائما ما أجازه البصريون من أن قائما حال إما من اسم الإشارة وإما من زيد.
فلو وسطت قائما بين اسم الإشارة وزيد, فقلت: هذا قائما زيد- فقال الكوفيون: انتصب على الحال إما من اسم الإشارة وإما من زيد.
وأجاز الكسائى نصبه على أنه خبر التقريب.
وقال الفراء: لاأنصب قائما هنا على الحال من زيد؛ لأنه لما جاور اسم الإشارة, وكان لاسم الاشارة رتبة السبق وقوة الابتدائية- غلب على الحال, فلم يصل معه إلى الأخير, فليس بجائز أن يقال هذا زيد على خبر التقريب؛ لأنه كلام يبنى على الجواب, وألفاظه لا تغير, وخبره لا يزال مكانه.
قال الفراء: ولو أجزت هذا قائما زيد فى التقريب استغلق على القول فى المكني حين أقول: ها أنا ذا قائما, وها أنت ذا قائما, وها هو ذا قائما, وها هى ذ قائمه, وها أنت ذه قائمة, لأنى إذا أردت توسيط الخبر فإن جعل بين (أنا) و (ذا)