أخرجنا من المائة خمسين لأنهما أول المستثنيات, فهي إذً وتر, وأدخلنا عشرين لأنها ثانية المستثنيات, فهي إذا وتر, فصار الباقي ستين, ثم أدخلنا خمسة لأنها ثالثة المستثنيات, فهي إذًا وتر, فصار الباقي ستين, ثم أدخلنا خمسة لأنها رابع المستثنيات, فهي إذا شفع, فصار الباقي خمسة وستين, وما زاد من المستثنيات عومل بهذه المعاملة" انتهى.
ونقول: إذا أمكن استثناء بعضها من بعض فأربعة مذاهب:
أحدها: أنها كلها راجعة إلى الاسم المستثنى منه, فإذا قال: له على مئة درهم إلا عشرة إلا اثنين, لزمه ثمانية وثمانون درهمًا, وإلى هذا ذهب أبو يوسف القاضي.
المذهب الثاني: أن الأخير مستثنى من الذي قبله, والذي قبله مستثنى من الذي قبله, إلى أن تنتهي إلى الأول, ويكون المقر به على هذا اثنين وتسعين درهمًا, وهو مذهب أهل البصرة والكسائي.
والمذهب الثالث: أن الاستثناء الثاني منقطع, ويكون المقر به أيضًا على هذا المذهب اثنين وتسعين؛ لأنه يصير المعني: له عندي مائة غير عشرة سوى الاثنين اللذين له, فإنها عندي, فيتحد مدلول الإقرار في هذا المذهب والمذهب الذي قبله وإن اختلف التخريج, وهذا مذهب الفراء, وإنما ذهب الفراء إلى الانقطاع لأنك إذا رددت المستثنيات إلى الأول, أو رددت بعضها إلى بعض إلى أن تصير إلى الأول - كان في ذلك من عي الطول والإسهاب ما لا يخفى؛ لأن قولك له عندي عشرة إلا أربعة أخصر من قولك: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا واحدًا, وله عندي عشرة إلا اثنين أخصر من قولك: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا واحدًا.
والمذهب الرابع: أنه يجوز فيه الأمران, وهو أن تعود كلها إلى الاسم الأول, وأن يعود بعضها إلى بعض حتى تنتهي إلى الاسم الأول, وصحح بعض أصحابنا هذا المذهب, وقال: "إلا أن الأظهر فيه أن يكون الاستثناء من الاستثناء؛ لأنه يجيء عليه صرف الاستثناء إلى الأقرب" انتهى.