القليل معلوم القدر، فأبدل منه النصف على جهة البيان لمقدار القليل، والضمير عائدة إلى الليل، والمعنى: قُم نصف الليل، فالضمير في منه عائد إلى النصف، وكذا الضمير في عليه، والتقدير - والله أعلم - قُم نصف الليل أو أقل منه أو أكثر منه، قاله ابن خروف، قال: "فخرج من هذا أن المستثنى النصف أو أقل منه أو أكثر، ولا يصح عود الضمير إلى القليل؛ لأنه غير معلوم القدر، فلا يُعلم نصفه، ولا يعود الضمير في منه ولا في عليه إلى الليل لفساد المعنى؛ لأنه يؤول إلى: قم أكثر من الليل".
وقال ابن عصفور: "بل ضمير نصفه يعود إلى القليل، وهو بدل منه، بدل بعض من كل، وجاز - وإن كان القليل مبهمًا - لأن القليل قد تعين / [4: 53/ أ] بالعادة والعرف، أي: ما سمي قليلًا في العادة".
قال: "ويدل على بطلان أن يكون القليل هو النصف أن النصف ليس بقليل، فمن قام نصف الليل لا يقال له فيه: قام الليل إلا قليلًا".
ورد شيخنا الأستاذ ابن الضائع على ابن عصفور، فقال: "أما تعين القليل بالعادة فإن أراد به أن العادة قد عينت شخصه حتى صار يقع على ثلث الليل مثلًا أو جزء منه متعين فهو باطل، بل كل ما دون النصف قليل، فيقع على الثلث والربع والسدس إلى غير ذلك، وإن أراد خلاف ذلك، بل ما يقع عليه القليل، فلا فائدة لبيانه بأن يبدل منه نصفه، فلو قال قائل: أكلت قليلًا من الرغيف نصفه، يريد: نصف القليل - لم يكن له معنى؛ لأن القليل يتناوله".