أدوا التي نقصت تسعين من مئةٍ ثم ابعثوا حكمًا بالحق قوالا
وتأول من منع ذلك بأن قوله {إنَّ عِبَادِي} لا يراد به العموم، بل المراد المؤمنون، ويكون العباد جمع عبد، وأضافهم إليه، وهي إضافة تشريف وتقريب، كقوله {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ}، أو يكون جمع عابد، كنائم ونيام، وصاحب وصحاب، وكافر وكفار، قال:
وشق البحر عن أصحاب موسى وغرقت الفراعنة الكفار
ويكون الاستثناء على هذين منقطعًا، أي: لكن من اتبعك من الغاوين فلك عليهم سلطان، والخلاف إنما هو في الاستثناء المتصل.
ويجوز أن يكون متصلًا، ويكون (عبادي) يعم الملك والإنس والجان، فيكون الاستثناء إذ ذاك أقل.
وأما {فَلا يَامَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ} فاستثناء منقطع، والإنكار وقع على كل من يرغب عن ملة إبراهيم، وكأنه قال: لكن من سفه نفسه يرغب عنها.
وأما {إلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} فاستثناء منقطع والإنكار وقع على كل من يرغب عن مله إبراهيم، وكأنه قال: لكن من سفه نفسه يرغب عنها.
وأما {فَلا يَامَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ} فاستثناء مفرغ، ولم يذكر المستثنى منه فيه، وعلى تقدير أن لو صرح بالمستثنى منه قدر عامًا، أي: فلا يأمن مكر الله أحدٌ، و"أحد" يعم العاقل ملكًا وإنسًا وجانًا.
وأما البيت فليس فيه استثناء، لا بـ"إلا" ولا بما هو في معناها.
واستدل من أجاز إخراج النصف فما دونه بقوله تعالى {قُمِ اللَّيْلَ إلاَّ قَلِيلاً (2) نِّصْفَهُ}، فـ (نصفه) عنده بدل من قوله (إلا قليلًا)، بدل شيء من شيء، وهما لعين واحدة، وكأنه قال: قُم الليل إلا نصفه، وأطلق القليل على النصف، وليس