وقال من تأول السماع: قدر أنه قال: سواك خلا الله لا أرجو. وقدر أنه قال: ولا بها إنسيٌ خلا الجن، فاستجار مع المقدر ما استجار مع المحقق، وخلا الجن استثناء منقطع.
ووهم ابن هشام وابن عصفور في زعمهما أن تقديم المستثنى وجعله أول الكلام لا يجوز باتفاق، لا يقال: إلا زيدًا قام القوم، وقد نص المصنف وغيره على إجازة الكسائي ذلك، ونقله غير المصنف عن الزجاج، ونقله ابن عصفور أيضًا في بعض تصانيفه عن الكسائي، فقال: "تقديمه أول الكلام لا يجوز عند أحد إلا الكسائي، فإنه أجازه، أجاز: إلا زيدًا ما أكل أحدٌ طعامك. والصحيح المنع قياسًا على التمييز في كونها انتصبا عن تمام الكلام" انتهى.
وقال ابن أصبغ: إن قدمته على حرف النفي لم يجز عند الجمهور مطلقًا، وأجازه الفراء إلا مع المرفوع، ومنعه هشام إلا مع الدائم.
وفي البسيط ما معناه: أجمع البصريون على أن المستثنى لا يتقدم على المستثنى منه، فلا تقول: إلا زيدًا ضرب القوم. وخالفهم طائفة من الكوفيين، فجوزوا ذلك. وأطن الاتفاق وقع على عدم تجويزه في المفرغ للفاعل.
ولا يتقدم معمول ما بعد "إلا" عليها، لا تقول: ما قومك زيدًا إلا ضاربون، فإن وقع ففي الشعر، ويؤول على إضمار ناصب من جنس المذكور.
ولا يجوز تقديم معمول معمولها عليه وبعدها، نحو: ما قام قومك إلا زيدًا ضاربين، أي: إلا ضاربين زيدًا، ولم نر نصًا لهم فيه؛ لأن "إلا" بمنزلة الحروف المعدية، ولا يُفصل بين الحرف والمفعول، كالباء وواو المفعول معه.
وشمل قول المصنف والمنسوب إليه - أي: إلى المستثنى منه - أن يكون المنسوب إليه مسندًا إليه، نحو: قام إلا زيدًا القوم، والقوم إلا زيدًا ذاهبون، وفي