فإن تمس في قبر برهوة ثاويا أنيسك أصداء القبور تصيح
ويكون البدل في هذا الوجه من قبيل بدل بعض من كل.
والثاني: أن يكون الاسم الذي قبل إلا ذكر توكيدًا, فمراده: ما في الدار إلا حمار, وذكر أحد توكيدًا ليعلم أنه ليس بها آدمي. والبدل على هذا من قبيل بدل الإضراب, بمنزلة قوله: ما أعانه إخوانه إلا إخوانكم. وهذان الضربان عامان في كل ما أبدل من الأول وليس بعضه.
وزعم بعض النحويين أن البدل في الاستثناء المنقطع قد يجوز على وجه آخر؛ وهو ألا ترد نفي الأول خاصة, بل نفيه ونفي ما يلابسه؛ لأن الدار إذا علم أنه ليس بها أحد فليس بها ما يلابس الأحدين, كالأوراي وغيرها مما يلابسهم, فجاز لذلك إبدال "الأواري" في قوله:
........ وما بالربع من أحد إلا الأواري لأيا ما أبينها ..........
من "أحد" لعمومه في المعنى, على الطريق بدل بعض من كل؛ لأن أحدًا إذ ذلك بمنزلة الخاص الموضوع موضع العام.
وهذا المذهب لا يصح؛ لأنه لا يطرد في هذا الباب؛ إذا قد يكون ما بعد إلا ليس بعض الأول ولا ملابسًا له, نحو قوله:
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير, وإلا العيس
فاليعافير ليس بعض الأنيس ولا ملابسًا له.