ومن هذا النوع عند المصنف قوله تعالى {لا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إلاَّ مَن رَّحِمَ}، ف"من" في موضع نصب عنده؛ لأنك لو حذفت المستثنى منه- وهو عاصم- واستغنيت بالمستثنى عنه -/ [4: 45/أ] لم يصح.
ومنه عنده قول الشاعر:
ألا لا مجير اليوم مما قضت به صوارمنا إلا امرأ كان مذعنا
ومن هذا النوع عند ابن عصفور قوله تعالى {لا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إلاَّ المَوْتَةَ الأُولَى}، فـ (الموتة الأولى) منصوبة على الاستثناء. ولا يجوز أن يجعل مع إلا بدلاً من الموت؛ لأنه لا يستقيم ذلك لفساد المعنى.
وفي قوله وأجاز بنو تميم دلالة على أنه لا يتحتم عندهم البدل, بل الأفصح عندهم النصب, وأما البدل فهو ضعيف؛ لأن لا يتصور إلا على ضربين من التأويل:
أحدهما: أن يكون مجازًا, وتنزيل ما ليس من الجنس منزلة ما هو من الجنس, فإذا قلت: ما في الدار أحد إلا حمار, جعلت الحمار في الدار قائمًا مقام الأناسي, على حد قولهم: عتابك السيف, وقول أبي ذؤيب: