فالجواب: أنه أغنى عن الضمير في أكثر الكلام قوة تشبث المستثنى بالمستثنى منه بالأداة؛ لأنه إذا قيل ما قام القوم إلا زيد علم أن زيدًا من القوم, وأنه أوجب له ما نفي عنهم, ولقوة الاتصال بإلا جاز: ما قام زيد إلا قعد عمرو, فأغنت "إلا" عن الواو وقد, وإن كان الأصل: إلا وقد قعد عمرو.
وقال ابن عصفور: "إلا مع الاسم المقرون بها بمنزلة غير لو أضيف لإلى ذلك الاسم؛ ألا ترى أنك لو قلت ما جاءني القوم إلا امرأة كان معناه ومعنى قولك ما جاءني القوم غير امرأة واحدًا, فكما أن (غير امرأة) بدل من القوم إذ لا يمكن أن يكون معطوفًا عليهم عطف نسق؛ إذ ليس في الكلام حرف عطف, ولا نعتًا له ولا [4: 42/أ] عطف بيان؛ لأنه نكرة, والقوم معرفة- فكذلك (إلا امرأة)؛ لأنه في /معناه" انتهى.
وقد رد مذهب العطف بوجهين:
أحدهما: أنه لو كانت إلا عاطفة لم تباشر العامل في نحو: ما قام إلا زيد, وحروف العطف لا تلي العوامل.
والثاني: أنها لو كانت عاطفة لعطفت في الإيجاب كما عطفت في النفي. وهذا لا يلزم؛ لأن لبعض الحروف خصوصيات في العطف, فهذه "لا" يعطف بها في الإيجاب, ولا يعطف بها في النفي, وهذه لكن, يعطف بها في النفي, ولا يعطف بها في الإيجاب.
وقوله ولا يشترط في جواز نصبه تعريف المستثنى منه, خلافًا للفراء ومذهب الفراء مردود بالسماع والقياس: