قال شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي: "وهذا فاسد؛ لأن الذي يعني بالبدل هنا إنما هو بدل البعض من الكل, وبدل البعض من الكل الثاني فيه مخالف للأول في المعنى؛ ألا ترى إذا قلت رأيت القوم بعضهم فتكون رأيت القوم أولاً مجازًا, ثم تبينت بعد ذلك من رأيت منهم, وهو البعض, وإنما يشترط في البدل أن بكون شريك الأول في العامل خاصة, وأنت إذا قلت ما قام القوم إلا زيد كان زيد شريك القوم في العامل, والتقدير: ما قام إلا زيد" انتهى.

وقد وجدنا من البدل ما يكون فيه الثاني مخالفًا للأول, نحو: مررت برجل لا زيد ولا عمرو, فهذا بدل, وليس بعطف؛ لأن من شرط "لا" العاطفة أن تكون مؤكدة, ولو جاز هنا أن تكون عاطفة لجاز: مررت برجل لا زيد, كما تقول: مررت بزيد بلا عمرو, فلزوم تكريرها دليل على أنها ليست بعاطفة. وكما جاز في النعت المخالفة إثباتًا ونفيًا, نحو: مررت برجل لا كريم ولا شجاع, كذلك جاز في البدل.

فإن قلت: إذا كان بدل بعض من كل فلابد فيه من ضمير يعود على المبدل منه؛ حذف فذلك قليل, وهذا البدل لم نجد العرب تصرح [معه] بالضمير إلا قليلاً, كقوله {مَّا فَعَلُوهُ إلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ}، {ولَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إلاَّ أَنفُسُهُمْ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015