وهذا الشرط الذي هو "غير مردود به كلام تضمن الاستثناء" لم يذكره أصحابنا؛ إلا أن ابن عصفور ذكر عن ابن السراج أنه ذهب إلى أن قولك "ما جاءني القوم إلا زيد" إن قدر أن الأصل: ما جاءني القوم, ثم أتى بعد ذلك بالاستثناء- فالمختار الرفع. وإن قدر أن الأصل: جاءني القوم إلا زيدًا, ثم دخل حرف النفي- فالنصب؛ لأن حرف النفي لا يغير عمل العامل الذي يدخل عليه.
قال ابن عصفور: وهذا الذي ذهب إليه من دخول حرف النفي في هذا الباب على إيجاب ملفوظ به قبل ذلك ليس من كلام العرب؛ بدليل أن قولك قام القوم إلا زيدًا معناه: قام القوم ولم يقم زيد, وأنت إذا نفيت قام القوم ولم يقم زيد احتمل الكلام ثلاث معان: أحدها ألا يكون واحد من القوم قد قام. والثاني أن يكون جميعهم قد قاموا. والثالث أن يكون بعضهم قد قام وبعضهم لم يقم. فلو كان النفي من قولك ما قام القوم إلا زيدًا داخلاً على الإيجاب كان الكلام محتملاً لهذه المعاني الثلاثة, وليس كذلك, بل لا يستعملون هذا الكلام إلا إذا أرادوا أن يجيزوا أن زيدًا قام من القوم ولم يقم غيره.
وقوله اختير فيه متراخيًا النصب مثاله: ما ثبت أحد في الحرب ثباتًا نفع الناس إلا زيدًا, ولا تنزل على أحد من بني تميم إن وافيتهم إلا قيسًا؛ لأنه قد ضعف التشاكل بالبدل لطول الفصل بين البدل والمبدل منه, وهذا أيضًا لم يذكره المصنف.
قال المنصف: "والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يختلي خلاها, ولا يعضد شوكها). فقال العباس: يا رسول الله, إلا الإذخر. فقال: (إلا الإذخر). وقد