قال المصنف في الشرح: "ومن النفي المؤول ما أنشده الأخفش من قول الشاعر:

لدمٍ ضائعٍ, تغيب عنه أقربوه إلا الصدى والجبوب

ومن قول الآخر:

وبالصريمة منهم منزل خلق .. عافٍ تغير إلا النؤى والوتد

لأن تغيب بمعنى: لم يحضر, وتغير بمعنى: لم يبق على حاله" انتهى. وما ساغ من التأويل في {فَشَرِبُوا مِنْهُ إلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ} هو سائغ هنا ومحتمل.

وقوله غير مردود به كلام تضمن الاستثناء مثاله قول القائل: قاموا إلا زيدًا, وأنت تعلم أن الأمر بخلاف ذلك, فتدخل ذلك, فتدخل النفي, وتأتي بالكلام مثل ما كان تعلق به المردود عليه, فتنصب زيدًا, / [4: 40/أ] ولا ترفعه؛ لأنك لم تقصد معنى: ما قام إلا زيد, فتقول: ما قاموا إلا زيدًا. وكذلك إذا قال: لي عندك مائة إلا درهمين, فأردت جحد ما ادعاه- فإنك تقول: ما لك عندي مائة إلا درهمين, فيكون هذا بمنزلة قولك: ما لك عندي الذي ادعيته. ولو رفعت الدرهمين لكنت مقرًا بهما جاحدًا الثمانية والتسعين؛ لأن المستثنى المبدل مما قبله في حكم الاستقلال, فكأنك قلت إذا رفعت: ما لك عندي إلا درهمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015