وزعم ابن عصفور أن قوله (إلا قليل) صفة للضمير في (فشربوا) , وأن الوصف بإلا يخالف جميع الأوصاف, فتكون صفة للضمير, وسيأتي الكلام على ذلك عند تكلم المصنف على الوصف ب"إلا" إن شاء الله.

وقال شيخنا أبو الحسن بن الضائع: "الأولى عندي أن تكون بدلاً من الضمير, حكم لها بحكم غير, وأبدلت كما أبدلت غير, فلو قال فشربوا منه غير قليل منهم لجاز بالرفع على البدل, فكذلك يجوز في إلا.

فإن قيل: فليجز أن تقول: قام إلا زيد, كما تقول: قام غير زيد.

قلت: من شرط إجراء "إلا" مجرى "إلا" مجرى "غير" جواز الاستثناء في ذلك الموضع الذي تجري مجراها فيه؛ ومع ذلك يجوز الاستثناء؛ لأن الاسم المستثنى منه مذكور, فلا يجوز: قام إلا زيد؛ لأنه لا يجوز أن يكون استثناء هنا.

فإن قيل: ليس أصل غير أن تكون بدلاً, فكيف تحمل على غير فيما ليس أصلاً فيها؟

قلت: "غير" صفة استعملت استعمال الأسماء, فحكمها أن يجوز فيها كل ما يجوز في الأسماء, فلم لا تكون "إلا" مثلها مع إبقاء جواز حكم الاستثناء فيها؟ ثم إن البدل يجوز في إلا في الواجب إذا تؤول فيه معنى النفي, فلم لا يجوز هنا على أن يتأول فيها حكم الغير؟ وهذا أقرب في تأويل الشاذ وتوجيهه" انتهى كلامه, وكان قد قدم أن قراءة {فَشَرِبُوا مِنْهُ إلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ} شاذة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015