وزعم الفراء وتبعه ابن خروف أن ارتفاع (إلا قليل) على الابتداء, والخبر محذوف, التقدير: لكن قليل منهم لم يشربوا منه, ونظيره ما حكة س من قولهم: والله لأفعلن كذا إلا حل ذلك أن أفعل كذا, أي: لكن حل ذلك, وإلا منقطعة, وحل مبتدأ.

وهذا الذي ذهبا إليه ضعيف؛ لأنه لا دليل على الخبر؛ لأن شربوا لا يدل على أن غيرهم لم يشربوا؛ ألا ترى أنه لو جاء هنا بخبر آخر غير لم يشربوا المقدر لأمكن, فيحتمل: إلا قليل اغترفوا غرفة, وبحتمل: إلا قليل لم يشرب. ولا تدل قراءة النصب على الاستثناء على أن يكون التقدير: إلا قليل منهم لم يشرب. ولا تدل قراءة النصب على الاستثناء على أن يكون التقدير: إلا قليل منهم لم يشرب؛ لأن لكل قراءة حكمها؛ ألا ترى أن س منع في: أكلت السمكة حتى رأسها, بالرفع على أن يكون مبتدأ محذوف الخبر؛ لاحتمال أن يكون الخبر لا يقدر ب"مأكول" وإن كانت حتى إذا عطفت أو جرت تدل/ [4: 39/ب] على أن ما بعدها داخل فيما قبلها؛ فلا تجعل قراءة الاستثناء دليلاً على تعين الخبر أنه: لم يشربوا, كما لم يجعل تعين الخبر بعد حتى أنه "مأكول" لأنها إذا جرت أو عطفت كان بعدها داخلاً فيما قبلها, وإذا لم يتعين ذلك فلا دليل على الخبر.

وزعم الزمخشري أنه محمول على المعنى, أي: لم يبق إلا قليل منهم, كذا قدره. واستبعد ابن خروف قول الزمحشري لترك ظاهر اللفظ, وحذف فعل وفاعل, والبدل من شيءٍ مقدر, ولا يكون البدل إلا من ملفوظ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015