أحدهما: أن قل لا تعمل إلا في نكرة, ولذلك قيد س قوله: "وقل من يقول ذلك" فقال "إذا جعلت من بمنزلة رجل" يعنى: نكرة.
والثاني: أنها لا تعمل إلا في منفي, فهو بدل من الضمير محمول على المعنى, ولا يجوز في أقل رجلٍ يقول ذلك إلا زيد أن يكون "إلا زيد" بدلاً من "أقل"؛ لأن "أقل رجلٍ" لا يمكن تفريغه لقولك إلا زيد. وأجازه ابن خروف حملاً في المعنى. والمنع مذهب السيرافي، وهو الراجح؛ لأن أقل هي كلمة النفي, ولا يجوز الحمل على المعنى في البدل إلا أن بكون المبدل منه يبقى في اللفظ المقدر المحمول عليه؛ وأقل لا يبقى, فالبدل من الضمير.
فإذا أردت بأقل رجلٍ التقليل لا النفي المحض فزعم ابن خروف أنه لا يجوز في إلا زيدًا إلا النصب؛ لأنه موجب المحض. وأجاز السيرافي فيه البدل؛ لأنه نفي للكثير, فالمعنى: ما يقول ذلك كثير إلا زيد, أي: ما يقوله إلا زيد.
قال بعض شيوخنا: وظاهر كلام س قول السيرافي؛ لأنه لم يفصل في أقل بين أن يكون للنفي المحض أو للتقليل.
ونقول: لا يحتاج فيه إلى التفصيل؛ لأنه قد تقرر أن الموجب لا يكون فيه البدل, فالذي يظهر أن مذهب ابن خروف هو الصواب.
قال المصنف: "ومن التفي المؤول قراءة بعض السلف {فَشَرِبُوا مِنْهُ إلاَّ قَلِيلاً}؛ لأن قبله {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي}، فبذلك صار فشربوا بمعني: لم يتركوه" انتهى.