فكانت بدلاً من الفعل. وابن عصفور نقل أن النصب بما في إلا من معني أستثني. وغير موافق أيضاً لما يدل عليه كلام المصنف أنه منصوب بنفس إلا من غير مراعاة أن مدلولها أستثني، ولا أنها بدل من الفعل.
وأما مذهب س فقد تقدم النقل أنه منصوب بالجملة المتقدمة عليه بوساطة إلا. وزعم المصنف أنه منصوب في مذهب س والمبرد والجرجاني بنفس إلا، وهو اختياره، قال: "وقد حفي كون هذا مذهب س علي جمهور الشراح لكتابه، وأنا أستعين الله علي بيان ما خفي عليهم من ذلك بنصوص يعضد بعضها بعضاً، فمن ذلك قوله: (إلا يكون الاسم بعدها علي وجهين:
أحدهما: ألا تغير الاسم عن الحال التي كان عليها قبل أن تلحق، كما إن "لا" حين قلت: لا مرحبا ولا سلام، لم تغير الاسم عن حاله قبل أن تلحق، فكذلك إلا، ولكنها تجيء لمعني كما تجئ "لا" لمعني.
والوجه الآخر: أن يكون الاسم بعدها خارجاً مما دخل فيه ما قبله، عاملاً فيه [4: 36/ أ] / ما قبله من الكلام، كما تعمل عشرون فيما بعدها إذا قلت: عشرون درهماً).
فجعل "إلا" نظيرة "لا" المحمولة علي "إن" في أن ما تدخل عليه تارة تصادفه مشغولاً بعامل غيرها، فتؤثر في معناه دون لفظه، وتارة تصادفه غير مشغول بعامل غيرها فتؤثر في لفظة ومعناه. ثم صرح بأن العامل في زيد من نحو قاموا إلا زيداً ما قبله من الكلام، فإما أن يريد بما قبله "إلا" وحدها، أو الفعل وحده، أو كليهما، فدخول "من" مانع من أن تريد كليهما؛ لأنها للتبغيض لا لبيان الجنس؛ فإن التي لبيان الجنس لا تدخل بعد "ما: إلا علي نكرة، كقوله تعالي {ومَا خَلَقَ اللَّهُ