مِن شَيْءٍ}، {واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ}، {ومَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ}،فلو كانت "من" في قول س لبيان الجنس لم تدخل علي الكلام معرفاً، بل كانت تدخل عليه منكراً، وإذا لم تدخل عليها إلا معرفاً فهي للتبغيض، ويلزم من ذلك انتفا أن تريد كليهما وثبوت إرادة الفعل وحده أو إلا وحدها، وإرادة "إلا" أولي؛ لأنها قبل المستثني لا قبل غيره، والفعل قبله وقبل غيره، فإرادته مرجوحة، وإرادة "إلا" راجحة. ولأن ما قبل الشيء إذا لم يرد به الجميع حمل علي الذي يلي، ولهذا إذا قال النجوى: (ياء التثنية مفتوح ما قبلها وياء الجمع مكسور ما قبلها) علم محل الفتحة والكسرة. ويعضد إرادة إلا قوله (كما تعمل عشرون فيما بعدها إذا قلت عشرون درهماً)، فجعل موقع المستثني من عامله موقع الدرهم من العشرين، فعلم أنه لم يرد الفعل لأنه منفصل مكتف، بخلاف إلا، فإنها مثل العشرين في الاتصال وعدم الاكتفاء، فكانت مرادة" انتهي ذكره النص الأول من كلام س واستدلاله.
ولا دليل له في شيء منه، بل هو دليل عليه، وكلامه مدخول علي ما نبينه إن شاء الله، وكلام س يدل علي أن الناصب هو الجملة بوساطة إلا كما نسبه الجماعة إليه، فنقول:
أما تشبيهه إلا في الاستثناء المفرغ بـ "لا" الداخلة علي "مرحبا وسلام" فليس فيه أكثر من أن ما بعد إلا مشغول بما قبلها، فهو علي حسبه، لا يجوز فيه إلا شغله بما قبله، فكأنك لم تذكر إلا، كما أن مرحبا مشغول بعامل له ناصب له