وقوله خلافًا لزاعمي ذلك قد ذكرنا من نُسبت إليهم هذا الأقوال.
وقوله وفاقًا لـ"س" والمبرد أما هذا المذهب - وهو أن النصب بإلا نفسها - فعزاه المصنف إلى س والمبرد وعبد القاهر الجرجاني. قال ابن عصفور: ذهب المبرد والمازني ومن أخذ بمذهبهما إلى أن الناصب للمستثنى ما في إلا من معنى أستثني؛ ألا ترى أن قولك قام القوم إلا زيدًا بمنزلة قولك: قام القوم أستثني زيدًا. وهذا فاسد؛ لأن معاني الحروف لا تعمل لا في ظرف ولا مجرور ولا حال، إلا أن بعضها قد عمل بما فيه من معنى الفعل إذا أشبه الفعل، نحو كأن، فإنها تعمل في الحال، وأما المعنى مجردًا من اللفظ فلا يعمل في شيء في ذلك. وأيضًا فإنك قد تقول: قام القوم غير زيد، فيكون حكم غير في الإعراب كحكم الاسم الواقع بعد إلا، فكما أن معنى الاستثناء المفهوم من غير لا يصح إعماله فيها لأن ذلك يؤدي إلى أن يعمل في الكلمة معناها؛ فكذلك أيضًا لا ينبغي أن يجعل الناصب للاسم الواقع بعد إلا ما فيها من معنى الاستثناء، بل يكون الناصب له هو الناصب لغير.
وقال الرُماني: "روي عن الزجاج أن نصبه بإلا لأنها بمعنى أستثني. ويبطل بنصب غير، ولا يصح معها تقدير أستثني لفساد المعنى، ولأن إعمال الحروف بمعانيها غير مطرد، كـ "ما" النافية، ولأنه ليس تقدير أستثني بأولى من تقدير تخلف أو امتنع مما يرفع، ولأن المستثني يُرفع في مواضع مع وجود إلا، ولأنا إذا قدرنا أستثني صار الكلام جملتين، وتقديره على الجملة الواحدة أولى" انتهى كلام الرماني.
وظاهر نقل ابن عصفور عن المبرد غير موافق لما نقله المصنف عنه؛ لأنه نقل عنه من المقتضب أن إلا بدل من قولك: لا أعني زيدًا، أو: أستثني ممن جاءني زيدًا،