وأما من فصل، فمنع ذلك في العقد، فلم يُجز: عندي مئة إلا عشرة - فلأن الكلام مبني على الاختصار، فقولك "عندي تسعون" أخصر، ويجوز عنده: عندي مئة إلا خمسة؛ لأنه ليس "عندي خمسة وتسعون" بأخصر منه. قال: ولذلك جاء في القرآن في الآية المتقدمة، وهذا مبني على جواز الاستثناء من العدد، وقد بينا أنه لا يجوز من الألفاظ التي يُكثر بها لخروجها عن النصية إلى الظهور. وأيضًا يلزمه في غير العقد مما يكون غيره أخصر منه ما يلزم في العقد من المنع؛ فتخصيصه العقد بالمنع غير سديد؛ ألا ترى أنه قال: له عندي تسعة إلا ثلاثة يقوم مقامه: له عندي ستة، وهو أخصر، فكان ينبغي له ألا يجوز الاشتراك هذا وما أشبهه مع العقد في علة الاختصار.

وقوله فإن كان بعض المستثنى منه حقيقةً فمتصل، وإلا فمنقطع أي: فإن كان المُخرج. وهذا الذي ذكره المصنف من أنه إذا لم يكن بعض المستثنى منه حقيقة هو المنقطع هو مذهب الأستاذ أبي علي.

ورده بعض أصحابنا بقوله تعالى {لا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إلاَّ المَوْتَةَ الأُولَى} فالموتة /الأولى هي بعض الموت، والاستثناء مع ذلك منقطع، ولا يمكن فيه الاتصال؛ لأن الجنة لا موت فيها، ولأن الموتة الأولى قد انقضت في الدنيا، وما انقضى في الدنيا لا يمكن أن يكون هو بعينه في الآخرة.

وذهب أبو علي الفارسي إلى أن الاستثناء المنقطع ألا يكون المستثنى من جنس المستثني منه؛ أي: لا يكون المستثني من آحاد جنس المستثنى منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015