ورد ذلك بقوله {لا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إلاَّ المَوْتَةَ الأُولَى}، فهذا من جنس المستثني منه، وهو منقطع. وبقولك: رأيت ريدًا إلا وجهه، فالوجه ليس من جني زيد؛ لأنه ليس من آحاد جنسه، وهو مع ذلك استثناء متصل باتفاق من النحويين.
والصحيح أن يقال: الاستثناء المنقطع هو ألا يكون المستثني بعض المستثنى منه، أو يكون بعضه إلا أن معنى العامل غير متوجه عليه.
وهذا النوع من الاستثناء أنكره بعض الناس، وزعموا أنه غير جائز في الكلام؛ لأن معقول الاستثناء عندهم إخراج الشيء مما دخل فيه هو وغيره بلفظ شامل لهما؛ وذلك غير موجود فيما هو منقطع من الأول. وتأولوا ما استدل بظاهره على وجود ذلك في كلام العرب، فقالوا في قوله {مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ}: إن الظن يسمى علمًا، وقوله {إلاَّ رَبَّ العَالَمِينَ} بأنه اندرج تحت قوله {مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ}؛ لأنهم كانوا يعبدون الله، وقوله {إلاَّ إبْلِيسَ}؛ لأنه من الملائكة، وهو مندرج في عموم (اسجدوا) للملائكة، وقول النابغة: