العاطفة في اللفظ والمعنى؛ ولذلك لم تعمل عمل حروف الجر في لفظ ما عدت إليه العامل، بل أوصلت إليه عمل العامل لفظا ومحلًا، فالتزمت محلًا واحدًا لشبهها بهمزةً التعدية، ولا تتقدم على عامل المصاحب كما تتقدم مَعً في قولهم: مَعً الخشب؛ استوي الماء)) انتهى. وملخصه أنه إنما لم تقدم على العامل تشبيها لها بواو العطف، لأنها واو عطف في الأصل، والجمهور منعوا ذلك من حيث هي واو عطف في الأصل، وقد تقدم الكلام في ذلك.
وقوله ولا عليه، خلافًا لابن جني إنما لم يجز تقديمه على الفاعل فقط دون العامل فتقول استوي والخشبةً الماء لأنها حرف عطف في الأصل، ولا يجوز ذلك فيها في العطف إلا بشروط، وبابه الشعر، فلما أخرجوها عن أصلها من العطف المحض لم يتصرفوا فيها تصرفهم في الأصل.
وقد عورضت هذه العلةً بأن الأصل في المفعول معه ألا يمتنع فيه التقدم، بخلاف المعطوف، فإنه تابع، والأصل في التابع ألا يتقدم على متبوعة، فليست في المفعول معه العلة المانعة عن التقدم، وإنما المانع فيه تشبيهه به، فإذا جاز قليلًا فيما هو الأصل في امتناع التقديم فجوازه فيما حمل عليه أولى؛ إذ ليس فيه العلةً المانعةً.
وقال المصنف في الشرح: ((أشار في الخصائص - يعني ابن جني - إلى جوازه، وله شبهتان:
إحداهما: أن ذلك قد جاز في العاطفةً، فليجز فيها؛ لأنها محمولةً عليها.