سلام فسلام ــ وهو استثناء منقطع ــــ أي: إلا أن تكون متاركة ومبارأة))، كأنه قال:
إنما أمرنا سلام فسلام، أي: مبارأة فأخرى، يريد: مني ومنك، وكأنه قال: لا
تكونن مني إلا مجانبا ومسالما، و ((كان)) هنا تامة؛ لأن النهي لا يكون في الناقصة
كما لا يكون الأمر. وقد حمل على الناقصة، وهو للمبرد، فيكون ((مني)) متعلقا
بمحذوف، هو الخبر لها، على معنى: لا تكن منسوبا إلي إلا بالمجانبة./ وقد يقال: إنها
تامة، وهو في موضع الحال، كأنه قال: لا تكونن إلا وأنت مجانب لي.
وأما ((حِجْرًا)) فكانه من الحجر، وهو المنع، فاستعمل مكسورا كاستعمال العمر في القسم مفتوحا، وهو من العمر. وقيل: هو الاسم، وأوقع موقع المصدر،
فيكون على فعل من لفظه، كأنه قال: أحجر حجرا، أي: أمنعه عن نفسي وأبعده
وأبرأ منه، ويقول الرجل للرجل: أتفعل هذا؟ فيقول: حجرا، أي: منعا. وقال
س: ((أي سترا وبراءة من هذا))، والحجر يراد به الستر، ومنه {ويَقُولُونَ حِجْرًا
مَّحْجُورًا}، أي: حراما، أي: الحرام ممنوع منه، ومحجور تأكيد، يريد به حجرا
حجرا، لكنه أتى بصيغة المفعول، وهذا لا يتصرف إذا كان بمعنى المبارأة والتعوذ.
فإن كان على أصله من المنع أو الستر من غير أن يشاب هذا المعنى تصرف، كقوله
{لِّذِي حِجْرٍ}، يريد: لصاحب مانع يمنعه عن الباطل، أي: صاحب عقل، ولذلك فسر هنا بالعقل.
فاما {بَرْزَخًا وحِجْرًا مَّحْجُورًا} فمعناه سترا، فلم يجعله موضع الفعل على ذلك
المعنى. وقيل: هو هنا على الأصل المذكور نائبا عن فعل، كأنه لما جعل بينها