وظَّنِني زيد نفسه، وهذا ممتنع. واستشنع ابن الطراوة إجازة هذا من النحوين لكونه لا يعُقل؛ إذ هو مثل هول هَبنَّقة الأحمق لأخيه: أأنا أنت، أو: أنت أنا.
وقد رُدَّ هذا على ابن الطراوة بأن الضمير في هذا الباب يعود على قائم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى، وذلك ثابت كثير في كلام العرب، فمن ذلك قولهم: عندي درهمٌ ونصفُه، وقولُ الشاعر:
كأنّ ثِيابَ راكِبِهِ بِريحٍ خَريقٍ، وهيَ ساكِنةُ الهُبوبِ
وقولُ الآخر:
أرى كلّ قومٍ قارَبُوا قَيدَ فَحْلِهِمْ ونحنُ خَلَعْنا قَيدَهُ، فهو سارِبُ
وقولُ الآخر:
فسَقَى الغَضى والسَّاكِنِيهِ، وإنْ هُمُ شَبٌوهُ جَواِنحي وضلوعي
وقولُ الآخر:
قالتْ ألا ليتَما هذا الَحمام لنا إلى حَمامِتنا وِنصفُه، فَقَدِ
فقد عاد الضمير في "ونِصفه" على درهم، وفي "قَيده" على فحلهم، وفي "وهي" على بريح، وفي "شبوه" على الغضا، وفي "ونصفه" على الحمام، من جهة اللفظ لا من جهة المعنى؛ إذ يمتنع ذلك، فكذلك يكون في"وظَننيه" عائدًا على قائم لفظًا لا معنًى.