إعمال الأول: ظننت وظنيه زيدًا قائمًا، أو: وظني إياه زيدًا قائمًا. وفي هذه المسألة ونحوها مما الفعل فيه من باب ظن لا يجوز حذف الضمير عند البصريين؛ لأنك لما عديت الظن إلى واحد لم يكن بد من ثان، وتحذف إياه على قول الكوفيين.
وقال أصحابنا: إن كان المنصوب لا يجوز حذفه، وذلك كأحد مفعولي ظننت وبابه- ففيه ثلاثة مذاهب: منهم من أضمره قبل الذكر، أجراه كالمرفوع، فلم يجز حذفه، فيقول: ظننيه وظننت زيدًا قائمًا. ومنهم من أضمره مؤخرًا، وفرق بينه وبين الفاعل في ذلك، فإن الفاعل إذا أضمر كان مع الفعل كالشيء الواحد، فيقول: ظنني وظننت زيدًا قائمًا إياه. ومنهم من حذف لفهم المعنى، فيقول: ظنني وظننت زيدًا قائمًا./ قال ابن عصفور: "وهذا أسد المذاهب؛ إذ الإضمار قبل الذكر والفصل بين العامل والمعمول لم تدع إليه ضرورة، وحذف الاختصار في باب ظننت قد تقدم الدليل على جوازه في بابه" انتهى.
ويقوي هذا ما أنشده س من قول الشاعر:
إني ضمنت لمن أتاني ما جنى وأبي، فكان وكنت غير غدور
فحذف خبر كان، وحذفه أصعب من حذف مفعول ظن؛ لأن هذا يجوز حذفه اختصارًا، وخبر كان لا يجوز حذفه إلا في هذا الباب لذكره في الجملة الثانية. ومذهب س يدر على من أضمر مفعول ظن مقدمًا أو مؤخرًا.
وزعم أبو الحسين بن الطراوة أن الإضمار في باب ظن لا يجوز، فمنع ما أدي إليه من مسائل ظن؛ إذ ليس للمضمر مفسر يعود عليه؛ ألا ترى أنك إذا قلت ظننت وظننيه زيدًا قائمًا لا يمكن أن تكون الهاء في ظننيه عائدة على قائم؛ إذ يصير المعنى: وظنني ذلك القائم المذكور، وليس هو إياه؛ لأن قائمًا هو زيد، وليس المعنى: