وقوله عمل فيه أحدهما هذا جواب الشرط، وهو قوله "إذا تعلق"، وسواء أكان العاملان متفقي الطلب في الإعراب أم مختلفين.

ولا يكفي ما ذكره المصنف في الإعمال من تعلق العاملين بالمعمول من حيث المعنى حتى تزيد في ذلك: ما لم يمنع مانع لفظي، كقول الشاعر:

كأنهن خوافي أجدل قرم ولي ليسبقه بالأمعز الخرب

فهذا من إعمال الأول، ولا يجوز أن يكون من إعمال الثاني؛ لأن الخرب حينئذ يكون مفسرًا للضمير الذي في ولى، ولام كي تمنعه أن يتخطاها إلى تفسيره، فإنه لا يتقدم ما بعدها عليها، وكذلك لا يفسر ما بعدها ما قبلها؛ لأن المفسر نائب مناب المفسر، فكأنه قد تقدم ما بعدها عليها حينئذ، وهذا التعلق أو الطلب أو الاقتصاد من جهة المعنى أقوى ما يكون بحرف العطف؛ لأن قولك ضربني وضربت زيدًا في معنى تضاربنا، فحسن لذلك فيه الفصل بين العامل ومعموله بجملة، ولولا الرابط في الباب بين العاملين- وإن كان في بعض المسائل أضعف منه في بعض- لم يجز الفصل، ولذلك يمتنع: ضربني ضربته زيد؛ لأنه لا رابط بين العاملين في ذلك، فلا يتنزلان منزلة الواحد. وكذلك قوله: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}، العامل الثاني فيه جواب للأول، فهو مرتبط به بمنزلة قولك: إن تضرب أضربه زيدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015