لأنك لما أضربت عنه لم تعمله، وكيف تعمله وتترك الأصل المعتمد عليه. ومنه إذا كان العامل الثاني ملغي، والاعتماد على الأول، نحو: كان- أرى- زيد ذاهبًا، ونحوه. وقيل: منه قولك: زيد قائم وقاعد أبوه، إذا جعلتهما للأب، فيكون هنا إعمال الأول؛ لأنك لو أعملت الثاني لكان في الأول ضميره، وهو فاعل، فإما أن تذكره فيلزم إظهار ما هو مفرد، وإما أن يكون مستترًا فيلتبس أنه للأول. وأيضًا فإنه لا يعود على الأول منه ضمير لأنه للأب، وإنما يعود من المعطوف، وقد تقدم أنه ضعيف، فلا يكون. وأما قوله:
................ وعزة ممطول معنى غريمها
فلا يلزم الأول لعدم الالتباس، ولا الثاني لأنه ليس معطوفًا، بل جعلا كشيء واحد، نحو: هذا حلو حامض، ولأنه يلزم أن يكون مرفوعًا بممطول، ولا مرفوع في معنى، ولا يكون لأنه عامل، وهو لا يحذف.
وإن لم يكن في اللفظ ما يرجح أحدهما، والمنازعة على فاعل الأول، فيتعين عند الفراء إعمال الأول أولاً في فاعله، فالبصري يرجح الثاني، والكوفي الأول. وبعض النحويين يتساويان عنده لتعارض الترجيجين عنده.
وتلخص من هذا الذي ذكرناه الخلاف في السببي المرفوع هل يتنازعه العاملان أم لا. وأما البيت:
قضى كل ذي دين ........ ........................
ففيه ثلاثة أقوال:
أحددها أنه ليس/ من باب الإعمال؛ إذ لا يصلح أن يرتفع غريمها بواحد من الوصفين.
الثاني: أنه من الإعمال، ويجوز أن يرتفع بكل واحد من الوصفين.
الثالث: أنه يجوز أن يرتفع بممطول، ولا يجوز أن يرتفع بمعنى.