وذكر س في آخر الكتاب أن العرب تزيد الهمزة للتعدي، فتقول: ذهب زيد، وأذهبته، وخرج، وأخرجته، وأكثر هناك من المثل، وهي كلها غير متعدية، ثم قال في أثر مثله: ((وهذا كثير)) انتهى. ولا شك أن مناط القياس الكثرة، فالظاهر أن مذهب س أنه ينقاس في كل فعلا لا يتعدى إذا لم تدخل عليه الهمزة لمعنى آخر. وقال س: ((وليس كل فعل كأولني؛ ألا ترى أنك لا تقول: آخذني درهماً)). فهذا نص على أنه لا يقال آخذني بمعنى اجعلني آخذ، وأخذ متعد، فمذهبه أنه لا ينقاس في المتعدي، وينقاس في اللازم.
وقوله ويعاقب الهمزة كثيراً، ويغني عنها قليلاً- تضعيف العين مثاله أنزلت الشيء وأنزلته، وأبنته وبينته. في التعدية بالتضعيف مذهبان: أحدهما: أنه سماعي في المتعدي واللازم، وهو ظاهر مذهب س. والثاني: أنه قياس.
وإذا عاقب التضعيف الهمزة في التعدية فهل هما بمعنى واحد أم معناهما مختلف؟ في المسألة خلاف: ذهب الزمخشري والسهيلي ومن وافقهما إلى أن التعدية بالهمزة لا تدل على تكرر والتمهل، ومن ثم جاء {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}؛ لأنه أنزل فيها دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم قال {نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ}، و {وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا}، يريد: تنزيله شيئاً بعد شيء على مكث