ومهل، فاللفظ مشاكل للمعنى، لما تكرر في اللفظ العين. دل على تكرر في المعنى، كما قالوا صر الباب، فإذا تكرر الصرير قالوا صرصر وصرر. ونحو منه ضراب فيمن تكرر منه الفعل. انتهى.
وهذا المذهب فاسد بدليل قوله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً}، فلو كان التضعيف يفيد التكرار لناقض أول الآية آخرها؛ لأنه إذا نزل جملة واحدة لا تكرار في نزوله، وإذا تكرر فيه النزول لم يكن نزوله جملة واحدة، وبدليل قوله/ تعالى {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}، وأجمع المفسرون على أن {قوله وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} هو قوله تعالى {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}، وهذه الآية التي أخبر الله تعالى أنه نزلها لم يتكرر نزولها، إنما نزلت مرة واحدة، وكثرة معاقبة التضعيف للهمزة في مضارع ينزل في القرآن يدل على أنهما بمعنى واحد، فهذا المذهب هو الصحيح.
وقوله ويغني عنها قليلاً مثاله قويت الشيء، وهيأته، وحكمت فلاناً وطهرت الشيء، ونظفته، وسلمته، وقدمته، وأخرته، وخلصته. وهذا النوع مع كثرة مثله قليل بالنسبة إلى النوع المستغنى فيه بأفعل عن فعل، قال المصنف: "ولذلك وجد في أفعل ما يتعدى إلى ثلاثة دون حمل على غيره، ولم يوجد ذلك في فعل إلا في نبأ وحدث، وهما محمولان على أعلم بتضمين معناها" انتهى.