للتعدية انتصب "به" على أنه مفعول به، فلو كان "به" هو الذي تعلق بظفرت على أنه مفعول لم يختلف في نصب "زيد"؛ إذ يكون قد اتحدت جهة الانتصاب، وهي المفعولية.
ونرجع إلى ذكر الخلاف في هذا الأصل، فنقول: ذهب أبو علي الفارسي، وأبو زيد السهيلي، والأستاذ أبو علي في أحد قوليه _إلى أن المشغول عنه لا ينصب إلا بفعل يفسره العامل في ضميره أو في سببيه على حسب انتصابه، إن نصب على الظرفية نصبه عليها، أو على المفعول به فكذلك. فعلى هذا لا ينتصب المشغول عنه نصب المفعول وضميره أو سببيه مفعول له، ولا ظرف، ولا مفعول معه، ولا خبر، ولا مصدر، فلو قلت: زيدًا قمت إجلالًا له، أو زيد جلست مجلسه، أو زيد قمت وأخاه، أو زيد كنت غلامه، أو زيد قمت قيامه_ لم يجز في "زيد" إلا الرفع فقط.
قال السهيلي: لو قلت: زيد جلست عنده، أو حوله _لم يجز النصب في (زيد) لأن ضميره ليس بمفعول ولا في معناه، ولا (عند) و (حول) مما يحذف ويقام المضاف إليه مقامه، ومن ثم قال أبو علي: أزيد بكيت عليه: إن جعلت (علي) حرفًا نصبت (زيدًا)؛ لأن ضميره مفعول في المعنى، وإن جعلت (علي) اسمًا لم يجز النصب البتة؛ لأن الفعل وقع على الظرف المضاف إلى ضمير (زيد)، وهو ضمير، لا يصير مفعولًا أبدًا إذا كانت (على) ظرفًا، وقس على هذا جميع الظروف كفوق وتحت.