وزعم الكسائي والفراء وهشام أن ذلك يجوز، فكان الفراء يزعم أن الفعل فارغ لا شيء فيه، فقيل له: هل يخلو الفعل من فاعل؟ فقال له: إذا شرطت إسقاط الفاعل، وقلت لا تسمه، وجب ألا يكون في الفعل ذكر إذا أسقط فاعله. وكذلك كان يقول في ضرب ضربًا: إنه لا شيء مضمرًا في ضرب، وكذلك قعد قعودًا تعدى أو لم يتعد.

وكان الكسائي وهشام يجيزان ذلك على أن في الفعل مجهولًا، لما حذف الفاعل أسند الفعل إلى أحد ما يعمل فيه مما هو سوى المفعول به: المصدر، أو الوقت، أو المكان، فلم يعلم أيها هو المقصود لأنه لم يظهر مع الفعل مرفوع به.

قال أبو محمد بن السيد: "والأشبه في هذا لمن أجازه أن يضمر مصدر الفعل؛ لأن الفعل يدل على مصدره، كما قال الزجاجي، وما زعم الفراء أنه فارغ لا ضمير فيه خطأ.

وقد احتج المانعون من جواز هذا بأن قالوا: الفعل يدل على مصدره، فلا فائدة في إضماره ولا في إظهاره.

فرد عليهم من أجاز ذلك بأن قالوا: قد أجاز النحويون إقامة المصدر مقام الفاعل في الأفعال المتعدية إذا عدم المفعول به، وكان المصدر منعوتًا أو محدودًا أو معرفًا، فأجازوا: ضرب بزيد الضرب، وسير بزيد سير شديد، وقال تعالى {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}. فكما جاز أن يقام المصدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015