في هذه المسائل/ مقام الفاعل - وإن كان الفعل قد دل عليه وأغني عنه - كذلك تقول: جلس الجلوس، وقعد القعود، ولا فرق.

ويؤكد جواز هذا أن الموجب لإقامة المصدر مقام الفاعل إنما هو عدم المفعول به، وهذا العلة بعينها هي موجودة في جلس وقعد. واحتجوا أيضًا بأن قالوا: هل معنى جلس زيد إلا أنه قد فعل جلوسًا وأحدثه، فإذا كان هذا معنى الكلام والغرض فيه فما المانع من أن يقال جلس وقعد، إذ معناه فعل الجلوس، وفعل القعود، كما أن قولنا: ضرب بزيد الضرب، إنما معناه: فعل بزيد الضرب. قالوا: والمفعول ليس يرتفع بما أوقع به فعل، كما أن الفاعل في صناعة العربية ليس يرتفع بما أوقع شيئًا وأحدثه، إنما يرتفع كل واحد منهما بالحديث عنه وإسناد الفعل إليه، فيجب على هذا أن يرتفع كل ما حدث عنه من مصدر أو ظرف، سواء أكان الفعل متعديًا أم غير متعد، والتفريق بين المتعدي وغير المتعدي في هذا لا وجه له. قالوا: ولو أن ملكًا أو نظيره ممن له أمر ونهي عهد ألا يجلس أو ألا يضحك في وقت من الأوقات لغرض له في ذلك دون أن يسمي جالسًا أو ضاحكًا لجاز ذلك، ولم يمتنع" انتهى كلام ابن السيد.

وقد وجدت في لسان العرب ما يشهد بجواز جلس وقعد مبنيًا للمفعول دون أن يسند إلى شيء في اللفظ، والفعل لازم، قال الشاعر:

وقالت: متى يبخل عليك، ويعتلل يسؤك، وإن يكشف غرامك تدرب

فـ"يعتل" فعل لازم مبنى للمفعول، ولا مفعول له ظاهر، ولا جائز أن يكون المفعول "عليك" محذوفة لدلالة "متى يبخل عليك" عليه؛ لأن المفعول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015