وكان الأستاذ أبو بكر علي يحكي عن بعض المتأخرين أن هذا الكلام على حذف مضاف، أي: قد علمت جواب هذا الكلام، وكان يراه في بعض أقراءاته.
وقال أبو عثمان المازني: "سأل مروان أبا الحسن الأخفش، فقال: إذا قلت "أزيد عندك أم عمرو" ألست قد علمت أن ثم كونًا ثابتًا، ولكن لا تدري من أيهما هو؟ قال: بلي. قال: فإذا قلت: "قد علمت أزيد عندك أم عمرو" أليس قد علمت ما جهلك؟ قال: بلي. قال: فلم جئت بالاستفهام؟ قال: جئت به لألبس على المخبر من علمت. فقال له مروان: وإذا قلت "قد علمت أنت" أردت أن تلبس عليه لأنه لا يعرف نفسه؟ قال: فسكت. يعني الأخفش. قال أبو عثمان: لا يزيد أن يلبس عليه لأنه يعرف نفسه، ولكنه أردا: قد علمت من أنت أخير أمرك أم شر، كما تقول: قد علمت أمرك، وكقولك: ما أعرفني بك، أي: قد علمت ما تذكر به، أو ما تثلب به". انتهى. فكأنه راجع إلى حذف مضاف، أي: علمت أحوال من أنت، ولذلك أبدل من "أخير أمرك أم شر".
وهذه المسألة - أعني مسألة دخول العلم على ما صورته الاستفهام- كان سألني عنها قاضي القضاة أبو الفتح أبو الفتح محمد بن علي بن مطيع القشيري بديار مصر، فأجبته بما ذكرت، وقد أمعنت الكلام فيها في كتابي المسمى بـ "التذكرة" بأشبع من الكلام هنا.