والقسم الثالث: تغليب المعنى على اللفظ، ومن ذلك مسألتنا في الاستفهام وإذا كانوا قد أتوا بصورة الاستفهام والمعنى غيره، ولم يدخلوا عليه ما يغيره من العوامل اللفظية- فأحرى وأولى أن يغير المعنى

معها، وذلك نحو: أي رجل أنت؟ المعنى: ما أكملك رجلًا! فهو بصيغة الاستفهام، ومعناه/ التعجب؛ ولذلك لا يجاب مثل هذا الاستفهام. وكذلك "شر أهر ذا ناب" هو من تغليب المعنى على اللفظ.

وقد نص الأستاذ أبو الحسن بن الباذش على ما يدل على قلناه، فقال: علمت أزيد عندك أم عمرو، و (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) ليس حرف الاستفهام هنا لمعنى الاستفهام لأنه يستحيل أن يستفهم عما أخبر انه يعلمه، وإنما معناه التسوية عند المخاطب لأنك لم تبين له من ثم، وأبهمت عليه، فنقلت بـ "علمت" معنى التسوية من نفسك إلى المخاطب؛ لأنك حين قلت "أزيد عندك أم عمرو" هما مستويان عندك، وإنما تطلب بالاستفهام العلم بأحدهما، فالتسوية أملك بالألف من الاستفهام وأخص؛ لأن الاستفهام لا يخلو من التسوية، والتسوية تخلو من الاستفهام، ويبين أن المراد به التسوية المجردة قوله تعالى (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)، (سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015