له فعلية على ما لا فعلية له، والتوسيط كاف في ذلك، فلم تجر الزيادة عليه تجنبًا لكثرة مخالفة الأصل. وقد طول المصنف بما لا حاجة إليه في هذه المسألة من إبداء فروق بين "ليس" وفعل التعجب ونعم وبئس وعسى.
وأجاب أصحاب هذا المذهب عن السماع، وهو قوله: {أَلاَ يَوْمَ يَاتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} بأجوبة:
أحدها: أن المعمول قد يقع حيث لا يقع العامل، نحو: أما زيدًا فاضرب، وعمرًا لا تهن، وحقك لن أضيع، فكما لم يلزم من تقديم معمول الفعل بعد "أما" تقديم الفعل، ولا من تقديم معمول المجزوم والمنصوب على "لا" و "لن" تقديمهما عليهما، كذا لا يلزم من تقديم معمول خبر ليس تقديم الخبر.
الثاني: أن يُنصب {يَوْمَ يَاتِيهِمْ} بفعل مضمر لأن قبله {مَا يَحْبِسُهُ}، فـ {يَوْمَ يَاتِيهِمْ} جواب، كأنه قيل: يعرفون يوم يأتيهم، و {لَيْسَ مَصْرُوفاً} جملة حالية مؤكدة أو مستأنفة.
الثالث: أن يكون {يَوْمَ} مبتدأ بني لإضافته إلى الجملة، فذلك سائغ مع المضارع كسوغه مع الماضي، وللاحتجاج على بناء المضاف إلى المضارع موضع آخر.
الرابع: أنا نُسلم انتصاب {يَوْمَ} بـ {مَصْرُوفاً} لأن الظروف يُتوسع فيها ما لا يُتوسع في غيرها، ولذلك جاز: ما غدًا زيد ذاهبًا، ولم يجز: ما طعامك زيد آكلًا، وجاز: أغدًا تقول زيدًا منطلقًا؟ ولم يجز: أأنت تقول زيدًا منطلقًا؟ انتهت هذه الأجوبة، وهي كلام المصنف في الشرح.