الخبر على العامل؛ ألا ترى أن "كان" يتقدم خبرها على الاسم وعليها، وأن خبر "إن" وأخواتها لا يتقدم على اسمها ولا عليها، فلو كانت "ليس" بمنزلة "إن" و "ما" في امتناع تقديم خبرها عليها لامتنع تقديم خبرها على اسمها، كما امتنع ذلك في "إن" و "ما" وأخواتها، فدل ذلك على أنه يجوز أن يتقدم خبرها عليها كما جاز تقديم خبر "كان" على اسمها.

والثاني قوله تعالى: {أَلاَ يَوْمَ يَاتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ}، فقدم {يَوْمَ يَاتِيهِمْ} وهو معمول الخبر، ولا يتقدم على الناسخ معمول معموله إلا حيث يجوز تقديم معمول الناسخ عليه؛ ألا ترى أنك تقول: يوم الجمعة كان زيد قائمًا، لأنه يجوز أن تقول: قائمًا يوم الجمعة كان زيد، ولا يجوز أن تقول: قام يوم الجمعة إن زيدًا. ونظير قوله تعالى: {أَلاَ يَوْمَ يَاتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ}، قول الشاعر:

فيأبى، فيما يزداد إلا لجاجة وكنت أبيا في الخنا، لست أقدم

فظاهر هذا البيت أن قوله: "في الخنا" متعلق بقوله "أقدم"، و"أقدم" خبر "ليس".

وحجة من منع إن كان مذهبه فيها أنها حرف فمعمول الحرف لم يتقدم على الحرف في موضع من المواضع، وإن كان مذهبه فيها أنها فعل فالفعل إذا لم يتصرف في نفسه لم يتصرف في معموله، دليل ذلك فعل التعجب وعسى ونعم وبئس، مع أن "ليس" شبيهة في المعنى بحرف لا يُشبه الفعل، وهو/ "ما"، بخلاف "عسى" فإنها شبيهة بحرف يشبه الفعل، وهو "لعل"، وكان مقتضى شبه "ليس" بـ "ما"، و"عسى" بـ "لعل" امتناع توسيط خبريهما كما امتنع توسيط خبر "ما" و "لعل"، لكن قصد ترجيح ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015