لأن ضمير الرفع عندهم لا يتقدم على ما يعود عليه أصلا. وجاز ذلك عند أهل البصرة لأن المضمر مرفوع بما النية به التأخير، والضمير إذا كانت النية به التأخير عن الظاهر جاز تقديمه عليه.
وأجاز الكسائي "كان قائما زيد" على أن يكون في كان ضمير الأمر والشأن، و"قائما" خبر "كان"، و"زيد" مرفوع بـ"قائم"، ولا يثني قائما ولا يجمعه لرفعه الظاهر. وهذا باطل عندنا لأن ضمير الشأن لا يفسر إلا بجملة.
وأجاز الفراء ذلك على أن يكون "قائم" خبر "كان"، و"زيد" مرفوع بـ"كان" وبـ"قائم"، ولا يثني عنده ولا يجمع لرفعه الظاهر مع أنه يتقدر بالفعل؛ ألا ترى أنك تقول: كان يقوم زيد، وكان قام زيد، فيكون بمعنى: كان قائما زيد. وهذا باطل لأنه لا يجوز إعمال عاملين في معمول واحد.
وأجاز هشام: كان قائما الزيدان والزيدون، على أن تجعل قائما خبرا، والزيدان والزيدون اسما. ولا يجيز ذلك البصريون إلا مع تثنية الخبر وجمعه.
وقوله كلها دخل فيها ليس /وما دام، أما "ليس" فخالف في جواز توسيط خبرها بعض النحاة، ذكره ابن درستويه، وشبهها في ذلك بـ"ما". وهو محجوج بالسماع الثابت، ففي السبعة {لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا} بنصب {البِرَّ}، وقال الشاعر:
سلي -إن جهلت- الناس عنا وعنهم وليس سواء عالم وجهول