بأعلى الفرات ليقيم فيه مدة مقامه فرائض الصلوات لفضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع وعشرين من الدرحات على ما ثبت في الصحيح من رواية ابن عمر وغيره من الصحابة العدول الثقاة، وحضرها مع علي جماعة من البدريين، ومن بايع تحت الشجرة من الصحابة المرضيين، وكان مع علي رايات كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل المشركين، وكان مقام علي رضي الله عنه ومعاوية بصفين سبعة أشهر، وقيل تسعة، وقيل ثلاثة أشهر، وكان بينهم قبل القتال نحو من سبعين زحفاً وقتل في ثلاثة أيام من أيام البيض وهي ثلاث عشرة وأربعة عشرة وخمسة عشرة ثلاثة وسبعون ألفاً من الفريقين.
وذكره الثقة العدل أبو إسحاق وإبراهيم بن الحسين الكساي الهمداني المعروف بابن ديزيل وهو الملقب بسفينة، وسفينة طائر إذا وقع على الشجرة لم يقم عنها ويترك فيها شيئاً، وهو في تلك الليالي هي ليله الهرير جعل يهر بعضهم على بعض.
والهرير: الصوت يشبه النباح لأنهم تراموا بالنبل حتى فنيت، وتطاعنوا الرماح حتى اندقت وتضاربوا بالسيوف حتى انقضت، ثم نزل القوم يمشي بعضهم إلى بعض قد كسروا جفون سيوفهم واضطربوا بما بقي من السيوف وعمد الحديد، فلا تسمع إلا غمغمة القوم والحديد في الهام، ولما صارت السيوف كالمناجل