ينبغي للناس أن يغضبو لأمر لله تعالى في أن تنتهك فرائضه وحرمه، والذي أتت به كتبه وأنبياؤه، أو قال: يخالف كتابه.
قال أبو الحسن القابسي: الذي يلزم الحق ويغضب لأمر الله تعالى على بينة من النجاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله» .
قال أبو عمرو وروى أشهب بن عبد العزيز قال: قال مالك لا ينبغي الإقامة في أرض يكون العمل فيها بغير حق والسب للسلف.
قال أبو عمر: أما قول مالك هذا، فمعناه إذا وجد بلداً يعمل فيه الحق في الأغلب، وقد قال عمر بن عبد العزيز: فلان بالمدينة وفلان بمكة وفلان باليمن وفلان بالعراق وفلان بالشام امتلأت الأرض والله جوراً وظلماً.
قال أبو عمر: فأين الهرب إلى السكوت ولزوم البيوت والرضي بأقل قوت.
وقال منصور بن الفقيه فأحسن:
الخير أجمع في السكوت ... وفي ملازمة البيوت
فإذا استوى لك ذا وذا ... فاقنع له بأقل قوت
وكان سفيان الثوري يقول: هذا زمان سوء لا يؤمن فيه على الخاملين، فكيف بالمشهورين.
هذا زمان ينتقل فيه الرجل من قرية إلى قرية يفر بدينه من الفتن.
ويحكى عنه أنه قال: والله ما أدري أي البلاد أسكن، فقيل له خراسان؟ فقال: مذاهب مختلفة وآراء فاسدة، فقيل الشام؟ فقال: يشار إليكم بالأصابع أراد الشهرة، فقيل له: العراق؟ قال بلد الجبابرة، فقيل له: فمكة؟ قال: مكة تذيب الكيس والبدن.